كتب – يونس احمد
أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن نقد الممارسات الخاطئة المتعلقة بالنظام الديموقراطي ومراجعتها باستمرار لا يستهدف تقويض هذا النظام، بل حمايته من حالات النكوص والتراجع، وحمايته من كل ما يشوه جوهره ومعناه.
وقال الغانم إن على الجميع التحلي بالجرأة في التعاطي مع التحديات التي يمكن أن تؤثر في جوهر النظام الديموقراطي بعيدا عن حساسية الشعار والرمز.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم أمام الجمعية العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الـ 143 المنعقد حاليا في العاصمة الإسبانية مدريد.
وفي مستهل كلمته، أعرب الغانم عن شكره للقائمين على الدورة الحالية لاختيار ملف (التحديات المعاصرة التي تواجه الديموقراطية – التغلب على الانقسامات وبناء المجتمع)، ليكون موضوع المناقشة العامة لهذا العام.
وأضاف الغانم «لابد هنا أن أشيد بما جاء في المذكرة التوضيحية للمناقشة، والتي سلطت الضوء على أبرز التحديات التي تواجه النظام الديموقراطي، ولعل أبرزها كما جاء بالمذكرة (التحزب الحاد المفضي إلى الانقسام)، و(خطر المعلومات المضللة المتدفقة من وسائل التواصل الاجتماعي) وغيرها من النقاط المهمة».
وقال الغانم «برغم انتماء موضوع الديموقراطية إلى ساحة النقاش السياسي ظاهرا، إلا أن الأمر في جوهره يحتاج إلى تأصيل ثقافي وفكري، إذ إننا ونحن نتحدث عن تحديات الديموقراطية، لا نتحدث عن منظومة الإجراءات والقواعد التنظيمية المتعلقة بالنظام الديموقراطي، بقدر ما نتحدث عن مآلات الممارسة ومعوقاتها وآثارها المجتمعية والاقتصادية والثقافية، أي بعبارة أخرى، نحن نناقش جوهر النظام الديموقراطي وفلسفته، لا شكله وترتيباته».
وأكد الغانم «علينا جميعا واجب التحلي بالجرأة ونحن نتعاطى مع هذا الملف المهم، بعيدا عن حساسية الشعار، وخاصة عندما يتحول نقد النظام الديموقراطي نقدا موضوعيا في حال اختلاله، إلى اتهام بالمس بما هو مقدس».
وأوضح الغانم «أن تأليه أي نظام، وإن كان نظاما يحمل شكلا ديموقراطيا، هو أول معوقات تجديد الديموقراطية، ومعالجة اختلالاتها في حال وجودها علينا ألا نخاف، ونحن نشير إلى ممارسة ما خاطئة، إذ إن الديموقراطية في أصلها هي وسيلة لا غاية، وهي ممارسة وليست شعارا أو رمزا، ولا يجوز أن نتحول مع مرور الزمن إلى عبدة لوثن سياسي، أو صنم قانوني، وإن كان يحمل اسما ديموقراطيا».
وذكر الغانم ان الديموقراطية هي نظام، اتفق العالم على أنه أفضل من كل بدائله، التي جربتها الإنسانية على مدار الزمن، لكنه ليس النظام المقدس الذي يمنع فيه تصحيحه وتصويبه متى ما كانت الممارسة مختلة ومعتلة.
وتساءل الغانم قائلا «ماذا لو كان الاصطفاف السياسي والاستقطابات الحزبية موغلة في الحدة والتصارع غير المسؤول، إلى حد ينتج عنها، وبشكل ظاهر، تصدع مجتمعي يومي وبشكل فاضح وصارخ؟ هل نحتاج الى أمثلة من واقع العالم الغربي الديموقراطي في فترة ما بين الحربين، وما هي المآلات المدمرة التي أسفرت عنها؟».
وأضاف الغانم «ماذا لو أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وبحجة حرية الرأي، ساحة تصارع استخباراتي وارتزاقي وإجرامي منظم، تحفل بالإشاعات والمعلومات المضللة، والمفضية إلى إذكاء كل النزعات البدائية المتوحشة من عنصرية وطائفية ومذهبية وغيرها من تلك النزعات المدمرة؟».
وذكر الغانم «ماذا عن تغول الأكثرية في النظام الديموقراطي على حقوق الآخر المختلف؟ هل أتحدث عن الكيان الصهيوني هنا كنموذج؟ أوعن جنوب أفريقيا سابقا؟ أو عن عشرات الأمثلة؟».
واستطرد الغانم قائلا «ماذا عن الممارسة اليومية التي تحدث في كثير من بلدان العالم في ظل أنظمة ديموقراطية، والتي تتعلق بسوء استخدام الرخص الدستورية في خلق صراعات ثانوية وشخصية وحزبية وما يسفر عنها من تعطيل للتنمية ووقف عجلة التقدم؟».
وأوضح الغانم «عشرات من الأسئلة، حري بنا، أن نتعاطى معها، ليس لتقويض النظام الديموقراطي كما يشيع تجار الشعار، بل لحماية هذا النظام الذي لم يجد الإنسان حتى وقتنا الراهن بديلا مقنعا عنه؟ ولضمان عدم الوصول إلى حالة نكوص عن النظام الديموقراطي».
واعتبر الغانم أن فتح مناقشة عامة حول موضوع تحديات الديموقراطية خطوة مهمة، داعيا رئاسة الدورة ورئاسة الاتحاد والأمانة العامة، إلى استمرار فتح هذا الملف، وجعله مادة نقاش وعصف ذهني دائمة، طوال فترة هذه الدورة، من خلال ورش عمل ومحاضرات وسيمينارات، تغطي كل مناطق المجموعات الجيوسياسية في الاتحاد البرلماني الدولي.
وأعلن الغانم عن استعداد البرلمان الكويتي لاستضافة أي حلقة نقاشية حول ملف تحديات الديموقراطية برعاية الاتحاد، وبمشاركة المختصين من كل الحقول، مفكرين، رجال سياسة، رؤساء أحزاب، أكاديميين في العلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي وعلم النفس الاجتماعي، خبراء اقتصاديين وعاملين في حقل التنمية، من أجل تأصيل حوار فكري وثقافي حر وشفاف، يتعاطى مع كل الاختلالات البنيوية المتعلقة بالنظام الديموقراطي وكيفية تصويبه وضمان حيويته وفعاليته المنشودة.